البحث
مشاعر تصنع التاريخاً.. تأثير العواطف الجمعية وذكاء السرب
  • نشر في 2023/04/29 الساعة 8:13 ص
  • نشر في ثقافة
  • 97 مشاهدة

“مشاعر تصنع تاريخا.. تأثير العواطف الجمعية من هتلر إلى أوباما” الصادر عن المركز القومي للترجمة بالقاهرة، كتاب يصفه النقاد بأنه ملهم ومهم، لمؤلفيه لوك شومبي وإلكة إندرت، وهما اختصاصيان في الدراسات النفسية والاجتماعية في سويسرا.

 

استغرق إنجاز الكتاب سنوات طوالا عبر مناقشات بين اختصاصيين في مجالات معرفية متنوعة منها: التاريخ، علم النفس، علم الاجتماع، الأديان، وتحليل الخطاب وغيرها، والكتاب من ترجمة دكتورة علا عادل.

 

ولدت فكرة الكتاب من مشاهد سميت “ذكاء السرب”، ورصدت في أعلى جبال الألب على ارتفاع 1720 مترا تقريبا، حيث شوهدت أسراب هائلة من الغربان تقوم بحركات بهلوانية تدهش متسلقي الجبال، بما تمثله من نظام فائق، فالسرب يضم حراسا تتنبأ بأي مخاطر من خلال وجودها على قمم الأشجار، كما يضم أفرادا من الكشافة على أطرافه للبحث عن المزيد من الطعام.

 

وداخل السرب تنافس شديد، وهناك أيضا تعاون أشد، كما يتحكم “ذكاء السرب” في استهلاك الموارد، ما يردنا إلى فكرة الانسجام المعقول بين الإدراك والمشاعر الموجودة في جميع الأحياء، فالمشاعر والعقل لا يمكن فصلهما سواء في أسراب الطيور أو غيرها، ومن الممكن تحقيق ذلك عند الإنسان.

 

 

كفى غرورا

 

يقول المؤلفان “نحن كبشر بحاجة ماسة إلى تعلم المزيد في زمن يتهافت فيه الجميع على الاستهلاك، والمزيد من التقدم يقودنا إلى المزيد من التوتر والصراع، نحن في مرحلة تاريخية تفرض علينا نوعا من التواضع تجاه الكون والطبيعة، فكل هذا التقدم المذهل يقف عاجزا أما فيروس ضئيل الحجم (كورونا) يودي بحياة الآلاف يوميا”.

 

وتدور فصول الكتاب حول تأثير العواطف الجمعية على التفكير سلبا أو إيجابا، مع التمثيل بنماذج بشرية متنوعة تكشف عن ذلك التأثير، ويعرّف المؤلفان ما المقصود بالموقف الوجداني، من خلال التفرقة بين كل من العاطفة والشعور والوجدان، وصولا إلى التفرقة المهمة بين الوظائف الوجدانية والوظائف المعرفية.

 

لكن الأهم من كل هذا، هو الكشف عن التأثير الاجتماعي الانفجاري لمشاعر الخزي والذنب والذل الجماعية، لأنه التأثير الذي يقف وراء حالات خاصة جدا في تاريخ البشرية كحالة هتلر والنازية ومعسكرات التعذيب، وحالة قيام دولة إسرائيل، وحالة ممارساتها القمعية ضد الشعب الفلسطيني، وصولا إلى تفسير ما قد يكون قابعا وراء الحركات الإرهابية المتطرفة في العقود الأخيرة.

 

وفي فصل يغلب عليه الطابع الأدبي والحس اللغوي العالي، يتعرض الكتاب، إلى “هتلر، والاشتراكية القومية، النازية” من خلال تاريخ النازية في ألمانيا، وتاريخ هتلر من مولده إلى وفاته بالاعتماد على العديد من المصادر التاريخية، وكذلك الدراسات النفسية التي حللت شخصية هتلر ومشكلاته النفسية، بل وكذلك ما كتبه هتلر شخصيا عن نفسه في سيرته الذاتية الشهيرة “كفاحي”.

 

ويتعرض المؤلفان للصراع الفلسطيني الإسرائيلي من خلال عنوان فرعي دال “اشتباك تراجيدي بين اثنين من العوالم الذاتية المتناحرة” وهما يقفان موقفا مساندا للقضية الفلسطينية، وضرورة إنهاء معاناة الفلسطينيين، ويطالبان بضرورة التوصل إلى حل عادل يسمح للشعب الفلسطيني بإنشاء دولته المستقلة ويكون له السيادة الكاملة عليها، وينتهي المؤلفان إلى أن التفكير الخالي من المشاعر الوجدانية ليس ممكنا من الأساس، ونحن هنا بصدد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المشحون بالمشاعر لأبعد حد.