البحث
وادي الرافدين.. مواقع العراق الأثرية ضحية للتغير المناخي
  • نشر في 2023/04/17 الساعة 1:01 م
  • نشر في ثقافة
  • 104 مشاهدة

تتعرض مواقع أثرية عمرها آلاف السنين في العراق إلى أضرار كبيرة بسبب العوامل الناجمة عن التغير المناخي، كالعواصف الرملية وتزايد الملوحة، في بلد “يعاني أكثر من غيره ويعمل أقل” لمواجهة هذه الظاهرة.

 

ويتحدث عالم الآثار العراقي عقيل المنصراوي وهو يقف على قمة رمال تغطي بشكل شبه كامل أحد المواقع الأثرية، ويتأمل ما حوله من آثار تعود لأكثر من 4 آلاف عام، قائلا “أمّ العقارب هي في الحقيقة إحدى أهم المدن السومرية في جنوب بلاد الرافدين”، مشيرا إلى أنها “كانت تتمتع بدور مميز خلال الألفية الثالثة قبل الميلاد”.

 

وبلغت أمّ العقارب -التي تجمع العديد من المعابد وبينها إله سومر “شاراع”، على أرض صحراوية مساحتها 5 كيلومترات مربعة في جنوب العراق- ذروة مجدها عام 2350 قبل الميلاد.

واكتشف علماء الآثار خلال بعثاتهم قنوات وقطع فخار وأقراصا وألواحا وقطعا حيوية تروي تاريخ السومريين.

ويعاني موقع أمّ العقارب اليوم من تأثيرات غير مباشرة سببها التغير المناخي، من بينها العواصف الرملية المتزايدة في العراق، بالإضافة إلى ما يتعرض له الموقع من أعمال نهب متكررة كما هي حال مواقع أخرى تفتقر لحراسة جيدة.

 

 

واجتاح العراق خلال عام 2022 أكثر من 10عواصف رملية.

 

 

 

 

 

 

اذ إن الرمال المتحركة، ومع زحفها بكميات كبيرة على هذه المواقع، ربما ستغطي خلال السنوات العشر المقبلة 80% إلى 90% من هذه المواقع” الأثرية في جنوب العراق.

ويتابع سيتعين على البعثات الأثرية (المقبلة) بذل مزيد من الجهد” لتنظيف الأرض قبل البدء بالتنقيب.

من جانبه، يقول الأستاذ في علم الآثار بجامعة القادسية جعفر الجوذري إن الرياح حاليا “مليئة بكميات أكبر من الغبار”، و”تحمل شوائب من الأرض، خصوصاً الرمال والطمى، مما يؤدي إلى تآكل المباني” الأثرية.

 

 

 

 

 

 

 

ويلفت إلى أنّ المشكلة تكمن في فصول شتاء أكثر جفافا ومواسم صيف حارة بصورة متزايدة، إذ تُسجل فيها درجات حرارة تتخطى 50 درجة مئوية، وهو ما يؤدي إلى “إضعاف التربة وتفتيتها بسبب قلة الغطاء النباتي”.

 

 

ويتمثل العامل الآخر في الملوحة التي تشكل العدو الثاني للمواقع الأثرية، ويعود سببها إلى البيئة “الجافة جدا”، حسبما أكد مارك الطويل أستاذ آثار الشرق الأدنى في جامعة “يو سي إل” بلندن، قائلا عندما “يتبخر الماء بسرعة كبيرة، لا يبقى سوى الأملاح”. ويؤدي تراكم كميات كبيرة من الأملاح إلى تأكل كل شيء.

ويعدّ العراق أحد أكثر 5 دول في العالم تأثرا ببعض الآثار الملموسة للتغير المناخي، وفي مقدمتها فترات الجفاف الطويلة، وفقا لتقارير الأمم المتحدة.

 

 

 

و لابد من البحث عن حلّ لإنقاذ تراث العراق الأثري، فهذا البلد الذي يعاني من الفساد، يعيش ثلث سكانه في الفقر وتُهمَل مواقعه الأثرية، رغم ثرواته النفطية الهائلة.

 

 

 

ويقرّ شامل إبراهيم مدير آثار محافظة ذي قار حيث تقع أمّ العقارب بأن المواقع الأثرية “معرضة للتعرية والرياح أكثر من غيرها بسبب التصحر والجفاف والتغيير المناخي، خاصة خلال هذه السنوات التي واجه فيها العراق نقصا في المياه وقلة الأمطار والجفاف”.

 

 

 

ويؤكد في الوقت نفسه أنّ الحكومة العراقية تعمل من أجل السيطرة على المناطق الرملية التي تتطاير منها الرياح، من خلال تشجير هذه المناطق وإنشاء “حزام أخضر” يتمثل في زارعة أشجار بكلفة تصل إلى 5 مليارات دينار (حوالي 3.8 ملايين دولار).