من المقرر أن يصل رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى مدينة أربيل مركز إقليم كردستان شمالي البلاد، اليوم الثلاثاء، في أول زيارة له منذ توليه رئاسة الحكومة نهاية أكتوبر/ تشرين الأول العام المقبل، وذلك لبحث جملة من الملفات السياسية والأمنية والاقتصادية، على رأسها قانون النفط والغاز المُعطّل منذ سنوات طويلة بسبب خلافات حادة بين أربيل وبغداد.
الزيارة تأتي بعد يوم واحد من إعلان السوداني التوصل إلى تفاهمات حيال حصة إقليم كردستان من الموازنة المالية للعراق للعام الحالي والتي بلغت 197 تريليون دينار عراقي، (نحو 152 مليار دولار أميركي)، حيث خصص 12% منها لإقليم كردستان، على أن يتم إيداع الإقليم عائدات النفط في حساب بنكي خاضع للحكومة العراقية.
وقال مسؤول عراقي في بغداد، لـ”العربي الجديد”، إن السوداني سيلتقي مسؤولي الإقليم وعدداً من القيادات السياسية على مدى يومين في مدينتي أربيل والسليمانية.
وبيّن المسؤول أن رئيس الحكومة الذي يرافقه مسؤولون من مكتبه ومستشارون حكوميون سيبحثون ملفات قانون الأمن والغاز وإيجاد تسوية بشأنه لإقراره في البرلمان، وكذلك ملف المناطق المتنازع عليها، وإدارة الملف الأمني فيها وسد الفراغات لمنع أي استغلال لبقايا “داعش” يوجدون داخله.
وأكد المسؤول العراقي أن رئيس الوزراء سيبحث تأكيد الاتفاق الذي جرى التوصل إليه، حيال موازنة العام الحالي، والقاضي بأن تقوم حكومة إقليم كردستان، بإيداع عائدات النفط الذي يتم تصديره من حقول الإقليم في حساب بنكي خاضع للحكومة العراقية، مقابل أن تتولى بغداد إرسال حصة الإقليم من الموازنة المالية، بما فيها مرتبات موظفي الإقليم، واصفاً الزيارة بأنها “ستكون من أجل حسم الخلافات المزمنة وتثبيت اتفاقيات حالية”.
وسيجري السوداني لقاءات سياسية منفصلة مع قيادات سياسية في الإقليم من المرجح أنها ستبحث ملف وجود الجماعات الكردية الإيرانية المسلحة في مناطق الإقليم وقلق طهران من أنشطتها وأهمية معالجتها، والأمر ذاته بالنسبة لمسلحي حزب العمال الكردستاني المعارض لأنقرة وضغوط أنقرة على بغداد لمنع استخدام الأراضي العراقية كمصدر تهديد لأمنها.
وقال المتحدث باسم الحكومة الاتحادية العراقية باسم العوادي، في تصريحات لتلفزيون محلي بمدينة أربيل، إن “الأجواء إيجابية عموماً وبين حكومتي إقليم كردستان والاتحادية، ساهمت في إقرار مجلس الوزراء للموازنة وبنودها”، في إشارة إلى التفاهم على تسليم عائدات النفط المصدرة من إقليم كردستان لبغداد. مؤكداً أن الجانبين “مقبلين على الاتفاق على قانون النفط والغاز”.
في المقابل، أكدت كذلك قناة “رووداو”، الكردية المقربة من حكومة أربيل، أن ملفات تنفيذ المادة 140 الدستورية المتعلقة بالمدن المتنازع على إدارتها بين بغداد وأربيل، وأبرزها كركوك ومخمور وزمار، إلى جانب أوضاع مدينة سنجار، واتفاقية تطبيع أوضاع المدينة، والمستحقات المالية التي يطالب بها إقليم كردستان، وإعادة النازحين، وتقليص عدد مخيماتهم، وحرب “داعش”، ومناطق الفراغ الأمني، ستكون أهم الملفات التي سيبحثها رئيس الوزراء العراقي في إقليم كردستان.
ومساء أمس الاثنين، أعلن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني عن التوصل إلى اتفاق يُنهي الخلاف بين بغداد وأربيل حول إيرادات نفط إقليم كردستان.
وقال السوداني، خلال مؤتمر صحافي عقده عقب جلسة مجلس الوزراء: “تم التوصل إلى اتفاق لحل المشكلات بين المركز والاقليم بشأن النفط والغاز من خلال وضع الإيرادات من نفط الإقليم في أحد المصارف”.
وأضاف “لأول مرة وصلنا إلى اتفاق على ان يتم إيداع الإيرادات النفطية للإقليم في حساب واحد ويخول رئيس وزراء الاقليم ورئيس الوزراء الاتحادي بمراقبة الحساب، وستكون هناك لجنة ترفع توصياتها الى رئيس الوزراء الاتحادي لاتخاذ القرار المناسب”.
وكان ملف تصدير وإيرادات النفط في إقليم كردستان إحدى أبرز نقاط الخلاف بين بغداد وأربيل، وعادة ما كان يستخدم كورقة للتصعيد السياسي عند تأزم العلاقات بين المركز والإقليم.
وتصاعدت حدة الخلاف على هذا الملف بعدما أصدرت المحكمة الاتحادية العليا (أعلى سلطة قضائية في العراق) 15 فبراير/ شباط 2022 حكماً ألزمت فيه المحكمة حكومة إقليم كردستان بتسليم واردات النفط إلى بغداد.
وكانت القوى الكردية قد أثارت في الفترة الأخيرة مخاوف من تراجع رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، عن تعهداته وتحالفه “الإطار التنسيقي” التي قطعها لهم بحل الملفات العالقة، مقابل دعمهم بمنح الثقة لحكومته، ما دفعها إلى التحذير من مغبة ذلك.
الكلمات الدلالية: