البحث
مفارقة عجيبة.. سكان محافظة عراقية يمشون على كنوز ويعيشون تحت “خط الفقر
  • تاريخ النشر: 22 أبريل 2024 | الساعة: 12:04 صباحًا
  • نشر في الأخبار
  • 115 مشاهدة

تضم محافظة الديوانية كماً هائلاً من الآثار يقدرها بعضهم بنحو 500 موقع أثري، وآخرون بنحو 1700 موقع أثري مكتشف يعود إلى عصور مختلفة، من أبرزها “مملكة نيبور” في قضاء عفك، ومدينة “مرد” في ناحية السنية وغيرها من المدن التاريخية، إلا إن هذه المواقع – رغم أنها تعد من كنوز العراق – لا تزال تنتظر من يعيدها إلى ما كانت عليه في السابق لتكون رافداً اقتصادياً للعراق بصورة عامة ولمحافظة الديوانية بصورة خاصة.

 

 

وتقع محافظة الديوانية بموقع جغرافي مهم يربط بين جنوب ووسط العراق، (يبعد مركزها 1800 كم جنوب العاصمة بغداد)، وتعد واحدة من أهم المدن التاريخية، ويتجاوز عدد سكانها 1.5 مليون نسمة، وتعتمد نسبة كبيرة منهم على الزراعة وتربية المواشي.

 

 

وتحتوي محافظة الديوانية على المئات من المواقع الأثرية تعود لحضارة وادي الرافدين، ومن أهمها نفر أو “نيبور”، التي وردت ترجمتها في المصادر الغربية على أنها العاصمة الدينية للسومريين والبابليين.

 

 

وعلى الجانب الغربي من مدينة نفر الأثرية على بعد 12 كم تقع مدينة (الزبلية)، حيث تم اكتشافها في أربعينيات القرن الماضي، وأطلق عليها محلياً (خربة الزبلية).

 

 

وتتوسط تلك المدينة (الزقورة) الشهيرة التي تعلو تلاً ترابياً يغطي المدينة القديمة بارتفاع (15)م تقريباً، ويمكن مشاهدتها من مسافة نحو 20 كم بالعين المجردة، لكن لم تجرِ عليها عمليات التنقيب حتى وقتنا الحاضر، مما أدى إلى عدم معرفة اسمها الحقيقي.

 

 

وبدأت أولى عمليات التنقيب في مدينة نفر المقدسة في عام 1889م، ونجم عن هذه التنقيبات التعرف على المدينة وتاريخها، وما قدمته للحضارة من حيث وجود ما يدل على أول مكتبة في التاريخ وأول صيدلية وأول ملعب لكرة القدم، وتم من خلال التنقيبات التعرف على أقسامها وتخطيطها وبناياتها وما فيها من معابد، كما عثر على نصوص اقتصادية ورياضية وفلكية وأدبية ودينية.

 

 

ووجد الباحثون في مدينة نفر، أقدم تقويم زراعي يضم أقدم المعلومات عن طرق الزراعة والإرواء، التي كان يمارسها سكان العراق القدامى.

 

 

إهمال مضاعف للآثار

 

 

وفي هذا السياق، تؤكد لجنة الثقافة والسياحة والآثار النيابية، أن “محافظة الديوانية رغم أنها تمثل ما نسبته 16 بالمائة من عدد الآثار في العراق بحسب مفتش الآثار في المحافظة، واحتوائها على مدينة نيبور (آثار نفر) الأثرية التي تعد العاصمة الدينية لكل الحضارات السابقة، إلا أن الإهمال هو المتصدر”.

 

 

وتوضح عضو اللجنة، نور نافع الجليحاوي، أن “لجنة الثقافة والسياحة والآثار كان لها محاولات عديدة لتحريك المسؤولين للنهوض بهذا القطاع، لكنها عجزت في هذا المسعى، ولا يقتصر ذلك على محافظة الديوانية وإنما هناك إهمال للآثار في عموم العراق، لكن في الديوانية الإهمال مضاعف”.

 

 

وتضيف النائبة، “كما أن المتحف الحكومي في الديوانية مهدد في ظل وجود جهات تسعى للاستحواذ على ما تبقى من أرضه لتحويله لمشروع استثماري بعيد عن مجاله”.

 

 

“أما من ناحية السياحة، فإن المحافظة فقيرة جداً بهذا المجال، فلا توجد فيها أماكن سياحية مهيئة، بل على العكس هناك إهمال لمدينة نيبور”، تقول الجليحاوي.

 

 

ثاني أفقر محافظة

 

 

وتصنف الديوانية من المدن الفقيرة كونها تفتقر إلى الموارد الاقتصادية والمالية وتعتمد على الزراعة، حيث تعد ثاني أفقر محافظة بعد المثنى في نسبة الفقر حسب إحصائيات حكومية ورسمية بنسبة فقر تصل إلى 47 بالمائة، لكن مختصون أكدوا أن وجود الآثار فيها يوفر أرضاً خصبة لجذب السياح لتكون رافداً اقتصادياً للمحافظة وللبلاد عموماً.

 

 

وفي هذا السياق، يقول المراقب للشأن الديواني، ضياء المهجة، إن “محافظة الديوانية من المحافظات الفقيرة بسبب عدم وجود منافذ حدودية أو مشاريع بترودولار فيها، سوى القطاع الزراعي الذي يعاني الإهمال والتراجع نتيجة عدم الدعم الحكومة”.

 

 

ويؤكد المهجة أن “المحافظة تحتاج إلى وضع خطة استراتيجية لتنشيط القطاع السياحي فيها، من خلال تفعيل الاستثمار ودخول شركات عالمية لإنشاء مدن ترفيهية وسياحية في ظل وجود هور الدلمج ومدن تاريخية وعيون مياه كبريتية في غماس ومساحات خضراء يمكن استغلالها في هذا الجانب”.

 

 

لكن الجهات المعنية في المحافظة لا تولي – وفق المهجة – اهتماماً بالقطاع السياحي وكذلك في توفير الخدمات للسكان، ما أوصل المحافظة إلى الوضع الحالي.

 

 

ويشكو أهالي محافظة الديوانية من أهمال للواقع الصحي والتعليمي والطرق والخدمات الأخرى، فضلاً عن معاناة المزارعين من الجفاف الذي حول بساتينهم إلى مناطق جرداء، ما تسبب بضعف عوامل الاقتصاد فيها.

 

 

ونتيجة لذلك، يخرج أهالي محافظة الديوانية بين فترة وأخرى بتظاهرات للمطالبة بتحسين الواقع الخدمي المتردي، فيما يصف مراقبون المحافظة بـ”المنكوبة” نتيجة الفشل في تقديم الخدمات، وعدم استغلال الأموال التي تُصرف للمحافظة بطريقة صحيحة.

 

 

قلّة الأماكن الترفيهية

 

 

ويعيش مواطنو محافظة الديوانية حالة من الاستياء جراء قلّة الأماكن الترفيهية، فيما تحوّلت ما كانت تسمى سابقاً بـ”مدينة السعادة الترفيهية” بالمحافظة إلى مكب للنفايات ومرتعاً للحيوانات السائبة.

 

 

وفي هذا السياق، يقول المواطن أحمد حميد من محافظة الديوانية، إن “السياحة شبه منسيّة في المحافظة، فلا يوجد اهتمام بالجانب السياحي أو الترفيهي، يرافق ذلك قلّة المشاريع الاستثمارية”.

 

 

ويضيف حميد أن “أغلب العائلات تضطر في أوقات العطل والأعياد والمناسبات للخروج إلى محافظات أخرى يتوفر فيها أماكن ترفيهية وسياحية، ما يؤكد الحاجة إلى الاهتمام بهذا الجانب أسوة بباقي المحافظات العراقية”.

مشاركة
الكلمات الدلالية: