مثل ملايين السودانيين في الريف والحضر، يحرص يوسف حمد على الحفاظ على “لمة رمضان” وهي عادة منتشرة بشكل واسع في السودان حيث يختار الجيران منطقة يجتمعون فيها يوميا قبل موعد الإفطار بدقائق كل محمّل بما لذ وطاب من الأطعمة والمشروبات الشعبية الرمضانية.
وقلصت الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي يعيشها السودان حجم الموائد في “لمة رمضان” بشكل كبير في ظل رفع الكثير من الناس شعار “الجود بالموجود” للحفاظ على اللمة التي تهدف إلى زيادة الترابط الاجتماعي بين السكان وإطعام المارة الذين يداهمهم زمن الإفطار قبل الوصول إلى بيوتهم.
وفي حديث ، قال حمد إنه “وعلى الرغم من التأثير القوي للأزمة الاقتصادية على كافة مناحي الحياة في السودان، إلا أن الكثير من السودانيين يتمسكون بعادة الإفطار الجماعي مع الجيران في الأحياء حتى وإن استدعى الأمر المشاركة بالقليل من التمر والخبز”.
وأضاف حمد: “هذه عادة قديمة جدا ظلت تتوارثها الأجيال لعقود طويلة من الزمن لذلك من الصعب التخلي عنها مهما كانت حدة الأزمة الاقتصادية”.
وأشار إلى أن معظم الناس “يحافظون على هذه العادة لكنهم يضطرون إلى الضغط على النفقات الأخرى لأن من يتخلف عن مشاركة الجيران إفطار اللمة الرمضانية عادة ما يكون منبوذا اجتماعيا إلا إذا كان مريضا أو لديه أسبابا قاهرة تمنعه عن ذلك”.
وفي حين تبدو النزعة للحفاظ على عادة اللمة الرمضانية بتطبيق شعار “الجود بالموجود” هي الغالبة لدى معظم السودانيين، فقد استسلم البعض وآثر الانزواء في بيته والاكتفاء بتناول الإفطار مع أفراد أسرته في ظل ارتفاع تكلفة الطعام اللازم لإخراجه للمة الشارع.
وحول ذلك يقول حسن محمود وهو موظف في إحدى المؤسسات الحكومية إنه والكثير من زملائه تخلوا عن عادة الخروج بطعام إفطار رمضان إلى الشارع لأن ذلك يتطلب تكلفة عالية جدا لم يعد الموظف العادي قادرا عليها في ظل التآكل المستمر للقوة الشرائية للعملة المحلية وعدم مجاراة الرواتب القفزة الكبيرة التي تشهدها الأسعار في الأسواق.
تقليص حجم المشتريات
في ظل الارتفاع الكبير لأسعار السلع الأساسية، يجد كثير من السودانيين صعوبة في شراء المستلزمات الغذائية الرمضانية.
ورغم الكساد الكبير الذي يضرب الأسواق حاليا والذي أدى إلى خروج الكثير من التجار، إلا أن أسعار اللحوم والسكر والدقيق والفاكهة والزيوت لا تزال تسجل ارتفاعات متواصلة.
ووفق محمد العباس الذي يدير بقالة صغيرة في منطقة جبرة في جنوب الخرطوم، فإن الارتفاع المستمر في الأسعار أجبر نسبة كبيرة من المستهلكين على تقليص مشترياتهم إلى الحد الأدنى.
وقال العباس ، إن المبيعات اليومية انخفضت بما يقارب 60 في المئة خصوصا في البقالات المنتشرة في الأحياء.
ولتخفيف تكاليف مشتريات السلع الرمضانية، تعمل مجموعات شبابية في الأحياء السكنية على جلب السلع الاستهلاكية من المصانع أو مناطق الإنتاج مباشرة لتوزيعها على السكان بأسعار التكلفة فقط.
وأصبحت هذه الطريقة ملاذا آمنا للكثير من المستهلكين، رغم أن البعض يرى أنها تحصرهم في سلع محددة ولا توفر لهم حرية الاختيار التي يجدونه في الأسواق.