البحث
الأول في العالم العربي.. 67 عاما مرت على تأسيس أول محطة تلفزيون في العراق
  • تاريخ النشر: 18 مايو 2023 | الساعة: 06:41 صباحًا
  • نشر في الأخبار
  • 237 مشاهدة

67 عاما مرت على تأسيس أول محطة تلفزيون في العراق، وهي الأولى على مستوى الدول العربية بعدما أهدت شركة بريطانية متخصصة محطة كاملة للعراق في عام 1956، ومنها انتشر التلفزيون في البلاد ببرامج منوعة وإدارات مختلفة وشاشة باللونين الأبيض والأسود، ثم الملون، فمن أين بدأت القصة؟ وإلى أين وصلت؟

 

 

بداية الحكاية

في أواخر العهد الملكي في العراق وتحديدا في عام 1956 حضرت شركة “باي” البريطانية للمشاركة في المعرض البريطاني التجاري الذي استضافته بغداد، وكان من بين معروضاتها منظومة بث تلفزيوني باللونين الأسود والأبيض مع أستوديو جاهز، مما لفت انتباه الملك فيصل الثاني الذي افتتح المعرض، فطلب شراء المعدات من الشركة ونصبها في موقع الإذاعة في سقيفة الحديد أو ما تعرف شعبيا بـ”البنكلة”.

 

 

صارت “البنكلة” لاحقا مقر تلفزيون بغداد الذي يعد أقدم محطة تلفاز في الشرق الأوسط والوطن العربي،

 

 

الحكومة العراقية واجهت صعوبة في شراء المحطة بسبب معوقات مالية وفنية، وقد عُرض بمبلغ 65 ألف دينار، وكان المبلغ يساوي تقريبا موازنة الإذاعة العراقية لسنة كاملة، وفي النهاية قررت الشركة البريطانية تقديم محطة التلفزيون هدية للحكومة العراقية.

 

 

وكانت المحطة مكونة من 3 كاميرات وآلة سينما حجم 16 ملم، وقد تم نصب المحطة في دار الإذاعة بمقرها الحالي، وارتفعت السارية التي تمكنت من إيصال البث إلى مدى 30 کیلومترا من بغداد.

 

 

وقد وُزعت بعض أجهزة التلفاز في مناطق ومحلات معينة في بغداد، لكي يتمكن الجمهور من مشاهدة البرامج والتعرف على “الجهاز العجيب”، ومن بين الأجهزة سيارة بث خارجي يمكنها نقل الأحداث التي تهم الجمهور من أي مكان في العاصمة العراقية.

ويقول الباحث التميمي  إن جهاز التلفزيون أدهش الناس وأثار انتباههم وغيّر نمط حياتهم، إذ جمع الأسرة ووحد المواقف وتصدّر المجالس، ثم أسقط حكومات وغيّر آراء واتجاهات، وعلى الرغم من وصوله إلى العراق في منتصف خمسينيات القرن العشرين فإن انتشاره على نطاق واسع في أرجاء البلاد بدأ في أواخر الستينيات ومطلع السبعينيات.

توظيف سياسي

 

 

واجه ذلك الجهاز -الذي كان جديدا على المجتمع العراقي- رفضا اجتماعيا وشرعيا حينها، لكنه -في المقابل- بدّل شكل المجتمعات وأثرى الثقافات، ثم صنع نجوما وكان وسيلة للثورات والانقلابات العسكرية.

ويرى التميمي أن التلفزيون جاء بشكل مغاير للسينما على الرغم من وجودها بشكل واسع في بغداد، إذ وصل إلى العراق في صندوق خشبي يشبه إلى حد كبير صندوق مسرح الدمى، وكان بعض الناس يعمدون إلى التسلل خلف الجهاز محاولين رؤية الممثلين داخل ذلك الصندوق، فيما كانت النساء يرتدين العباءة في حال ظهور المذيع خشية أن يراهن وهن في منازلهن.

 

وأدركت كل الحكومات العراقية المتعاقبة أهمية التلفزيون ومدى تأثيره في الجمهور، فتم توظيفه سياسيا في حقب مختلفة، وقد بثت من خلاله الطروحات السياسية والبيانات الرنانة والمحاكمات الشهيرة.

وعلى الرغم من ذلك فإن التلفزيون بقي محببا للجماهير التي تعلقت بمسلسلاته الشهيرة وشخصياته المتفردة، مثل مسلسل “تحت موس الحلاق” وشخصيتي “حجي راضي” التي جسدها سليم البصري، و”عبوسي” التي أداها حمودي الحارثي، ثم شخصيات كثيرة مثل “أبو فارس” (خليل الرفاعي)، و”أبو ضوية” (راسم الجميلي)، و”عبد القادر بيك” (خليل شوقي).

 

 

تراكم خبرات

تطور عمل التلفزيون العراقي مع الزمن بعدما مر بمراحل عدة، فانتقل من الأبيض والأسود إلى الملون بفضل تقنيات حديثة ومشاريع فنية وتراكم خبرات لإظهاره بأفضل ما يمكن، حسب الرئيس الحالي لشبكة الإعلام الرسمية العراقية نبيل جاسم.

 

 

ويقول جاسم  إن تراكم الخبرات من جيل إلى جيل أحدث نقلات نوعية “وقد حرصنا كإدارة مسؤولة في الشبكة -الذي يعد التلفزيون جزءا من مؤسساتها- على إحداث نقلة نوعية في مجال التقنيات الخاصة، سواء على صعيد الصورة أو الصوت، وذلك من خلال إدخال أفضل أنواع المعدات الفنية، بما فيها الكاميرات الحديثة ومن أفضل المناشئ، أو من خلال بناء أستوديوهات تضاهي مثيلاتها في فضائيات عالمية وبأيدٍ وعقول ذاتية من داخل الشبكة”.

 

 

ويؤكد جاسم رفد شبكة الإعلام الرسمية العراقية بوجوه شابة جديدة حققت نجاحا ملحوظا، فيما لمس المشاهدون تغيرا واضحا في مستوى الخطاب الإعلامي ليكون إعلام دولة ديمقراطية بخطاب وطني مسؤول يهتم بهموم الناس وتطلعاتهم ويلبي حاجاتهم وأذواقهم.

برامج في الذاكرة

عرف تلفزيون العراق في تاريخه الطويل برامج كثيرة وما زالت عالقة في ذاكرة العراقيين، من أهمها “قل ولا تقل” الذي كان يقدمه اللغوي والمؤرخ مصطفى جواد، وبرنامج “صندوق عمو زكي” الذي كان يقدمه الإذاعي زكي الحسني، وهو برنامج موجه للأطفال.

وفي مساء كل ثلاثاء كان يُعرض برنامج “الرياضة في أسبوع” لمؤيد البدري، ومساء كل أربعاء برنامج “العلم للجميع” لكامل الدباغ، أما برنامج “عدسة الفن” -الذي كانت تقدمه الإعلامية خيرية حبيب- فكان يعرض مساء الخميس.

وتقول حبيب إن برنامجها انطلق في ستينيات القرن الماضي، وكان من إعداد الراحل خالد ناجي، وقد تسلمت مهام تقديمه في مطلع السبعينيات وحتى عام 1986.

وتتحدث حبيب عن طريقة إعداد البرنامج آنذاك، إذ كان المعد يعتمد في صياغة المواد التلفزيونية -ومنها الأخبار- على الأشرطة الواردة من الخارج إلى المحطة، بحيث نقوم بتفريغها وإعدادها.

وتشير إلى أن استطلاع آراء المشاهدين بالبرنامج كان يتم من خلال الرسائل البريدية التي ترد من أرجاء البلاد، عازية نجاح برنامجها إلى كونه منوعا وأحد أعمدة تلفزيون بغداد، إلى جانب “الرياضة في أسبوع”، و”العلم للجميع”.

سبعينيات التلفزيون

بدوره، تحدث قاسم حسين صالح -وهو أحد مذيعي ومعدي البرامج التلفزيونية في السبعينيات مع إشرافه أيضا على برامج الأطفال- عن بعض البرامج التي قدمها على الشاشة، ومنها برنامج “استشارات نفسية” كونه متخصصا في علم النفس، وكان البرنامج يهدف إلى إشاعة الثقافة النفسية.

ويقول صالح إن البرنامج الشهير “حذار من اليأس” تحول من إذاعي إلى تلفزيوني بأمر من وزير الثقافة آنذاك حامد يوسف حمادي، لكني اشترطت على مدير التلفزيون صباح ياسين أن يكون النص الذي أكتبه غير خاضع للجنة فحص النصوص، وكان لي ذلك.

مشاركة