احتفت الأوساط الثقافية العراقية قبل أسابيع بصدور النسخة العربية من كتاب “ملحمة إيرّا” المترجمة عن الأصل الذي ورد باللغة الأكدية (لغة عاربة/سامية شرقية قديمة تعد من أقرب اللغات القديمة للعربية).
وتعد هذه الملحمة من الأعمال الأدبية العراقية القديمة المهمة، وشكلت جزءا من التراث الثقافي الغني لبلاد النهرين وما جاورها من أقاليم تابعة لها ثقافيا.
ويقول الباحث عبد السلام صبحي طه الذي راجع النسخة العربية وأشرف على إصدارها مؤخرا، عن دار الرافدين للنشر والتوزيع إن فرق البحث والتنقيب عثرت على ألواح ورُقُم (كتابات) طينية عديدة لنصوص الملحمة في أرجاء متفرقة من العراق والشرق الأدنى، ويعتقد أن بعض نصوصها كانت تدون على رُقم وتستخدم كتمائم لطرد الشر.
وحول تاريخ تدوينها، يشير طه، إلى اختلاف المختصين في تحديده، لكن الرأي الأكثر تداولا هو أنها قطعة أدبية كتبت خلال (750 – 1100 ق.م).
ووردت القصيدة شبه مكتملة باللغة الأكدية في 5 ألواح طينية وتقع في 750 سطرا، كما يوضح طه، وقد تولى ترجمتها عن الأصل الأكدي عدة مختصين في علم الآشوريات، منهم “جورج سمث”، “إيريك إيبلنغ”، “ف. غوسمان”، والترجمة التي جرى اعتمادها للتعريب في هذا الإصدار الأخير تعود لعالم الآشوريات الإيطالي لويجي غانّي، وكان قد نشر نسختها الإنجليزية عام 1977، تلتها تراجم لكل من ستيفاني دالي وبنجامين فوستر.
ويؤكد طه على القيمة الأدبية للملحمة التي ترجمت عن النص الإنجليزي من قبل الآثاري الدكتور مؤيد سعيد الدامرجي والسيدة سها أحمد حيث تصنّف ضمن الأعمال الإبداعية المتميّزة لتجسيدها الواقع والحياة، عبر توظيف الرموز الدينية الحيوية، لتنعكس في نصوصها المشبّعة بروح مرحلة تاريخية لها خصوصيتها الاجتماعية والسياسية، وتصف حالة دمار مرت بها بلاد بابل جراء غزو أقوام أجنبية لها، وهي تفصّل للكثير مما يرافق ذلك من كوارث حلت بالضرع والزرع والإنسان.
ويربط الباحث العراقي بين ما تضمنته هذه القطعة الأدبية من أحداث مرت ببلاد بابل وما يحدث في عراق اليوم، وكأنها تبوح حد النبوءة، بقدر العراق القلق وبشكل مستمر، ما بين فوضى حروب ودمار تليها فترات سلام وإعمار، وكأنه مصير محتوم للبلاد ما زلنا نشهد وقائعه إلى يومنا هذا.
الكلمات الدلالية: