تواجه الأطراف السياسية العراقية مؤشرات وتحذيرات حول احتمال تأجيل الانتخابات المقررة في الحادي عشر من تشرين الثاني المقبل، ما أثار مخاوف واسعة داخل الأوساط السياسية حول مستقبل العملية الانتخابية والاستقرار الوطني، وكان هذا العامل من أبرز الأسباب وراء التحذيرات الأخيرة التي أطلقها زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي. وتشير المراقبات إلى تراجع ملحوظ في حماس الزعامات السياسية تجاه الانتخابات خلال الشهر الأخير، وهو ما قد يكون مرتبطاً بوصول معلومات حول “حدث كبير” متوقع في المنطقة قد يؤثر على إجراء الاقتراع في موعده.
ويؤكد “الإطار التنسيقي” الحاكم منذ أكثر من عامين على ضرورة الالتزام بموعد الانتخابات وعدم تغييره، بينما يشكك نائب شيعي في إمكانية الالتزام بهذا الموعد، مشيراً إلى وصول مؤشرات من جهات دولية وإقليمية تفيد بأن الانتخابات قد تُؤجل بسبب الأحداث الإقليمية المتوقعة، ومنها احتمالات اندلاع حرب بين إيران وإسرائيل قد تنعكس آثارها على العراق. كما يوضح النائب أن هناك ضغوطاً من بعض الأطراف الدولية والإقليمية على القوى المحلية لدفعها نحو تأجيل الانتخابات، إضافة إلى إحباط عام لدى أغلب القوى السياسية من أن التطورات في الإقليم قد تؤدي في النهاية إلى تأجيل الاقتراع.
ويشير المراقبون إلى أن شهر أيلول الحالي سيكون حاسماً من حيث الوضع الإقليمي واحتمالات تصاعد النزاعات بين طهران وتل أبيب، وهو ما دفع رئيس الحكومة محمد شياع السوداني إلى البحث عن سبل حماية العراق في حال اندلاع المواجهات عبر وساطات دولية من سلطنة عمان، فيما حذر النائب السابق عزت الشابندر من “عاصفة غير مسبوقة” تستهدف العراق، مشيراً إلى أنها ستطال جميع مكونات المجتمع العراقي من مسلمين ومسيحيين وعرب وكرد وسنة وشيعة، كما توقع وزير الخارجية الأسبق هوشيار زيباري تجدّد الصراع الإقليمي خلال الشهر الحالي.
ورغم هذه التحذيرات، يصر “الإطار التنسيقي” في اجتماعاته الدورية على إجراء الانتخابات في موعدها المقرر، بينما يطرح نوري المالكي رأياً مخالفاً ويحذر مراراً من تأجيل الانتخابات وما قد ينجم عنه من إسقاط للنظام السياسي، دون الكشف عن مبررات واضحة. ويشير الباحث خالد العرداوي إلى أن تصريحات المالكي قد تستند إلى معلومات دقيقة لديه حول التصعيد المتوقع بين طهران وواشنطن، والذي قد يجرّ العراق إلى التورط، أو قد تكون مجرد استنتاجات شخصية تستند إلى ما يسمعه في اجتماعات الإطار التنسيقي.
وتؤكد أحدث تصريحات المالكي أن العملية السياسية في العراق ستتعرض للسقوط في حال تأجيل الانتخابات، مشدداً على أن الاقتراع سيُجرى في موعده المحدد. ويربط العرداوي تصريحات المالكي بالصراع السياسي ومحاولة إضعاف خصومه في الموسم الانتخابي الحالي، موضحاً أن كل طرف سياسي يحاول التأثير على الآخر، وأن تصريحات المالكي جزء من هذا الصراع.
وتعود تحذيرات المالكي إلى ما قبل إعلان موعد الاقتراع في نيسان الماضي، عندما أبدى شكوكاً حول إمكانية الالتزام بالموعد المحدد، وسط دعوات لتشكيل “خلية أزمة حكومية” لمواجهة أي طارئ قد ينجم عن الأحداث الإقليمية، بما في ذلك تهديدات محتملة من طهران وإغلاق مضيق هرمز. وتطور النقاش لاحقاً ليشمل إمكانية تشكيل “حكومة طوارئ” وتأجيل الانتخابات، ما أثار توتراً داخل “الإطار التنسيقي”. ويحذر العرداوي من أن تصريحات المالكي لن تكون الأخيرة، وقد تشهد المرحلة المقبلة مواقف مشابهة من أطراف أخرى خلال الموسم الانتخابي، مشدداً في الوقت نفسه على أن التصريحات السياسية يجب أن تُوزن وفق مصلحة الشعب العليا بعيداً عن الحسابات الحزبية والفئوية، وإلا فإنها قد تضر بالمصالح الوطنية.
المصدر: Iraq Zone | عراق زون