يأتي المشهد الخالد في أفلام الخيال العلمي، والذي يحذر فيه الخبراء من سلاح فتاك، ولا ينصاع القادة، فيحدث ما لا يحمد عقباه، وفي فيلم “I robot” للمثل الأمريكي ويل سميث، دعا العالم لمنع تصنيع الروبوتات الذكية،
كونها ستسعى لاحتلال العالم، فلم يستمع أحد لمطالباته، فتحولت الروبوتات لسلاح حاول احتلال العالم، وهذا الأمر ربما يحدث في الواقع حالياً على يد كبار عمالقة التكنولوجيا في العالم، وعلى
رأسهم إيلون ماسك مالك تويتر وتسلا وسبيس إكس، والذين دعوا لوقف سباق الذكاء الصناعي، الذي اعتبروه بمثابة قنبلة لا يعلم أحد تأثيرها ومداها، مطالبين بمهلة للدراسة والتقنين، حتى لا يُجر العالم إلى الخطر جراً.
بداية الحكاية
الحكاية بدأت بعد أيام قليلة من انطلاق مشروع شات جي بي تي في نسخته الرابعة الذي انطلق الشهر الماضي، وصاحبه ضجة عالمية، لما بمقدور الذكاء الصناعي من فعله من خلال الردود والقدرة المعلوماتية، التي تكونت بفضل كم ضخم من المعلومات المخزنة، والقدرة على تحليل البيانات، الأمر الذي رآه عمالقة التكنولوجيا سباق محموم يهدد الإنسانية والمجتمع.
وقدمت مؤسسة “مستقبل الحياة”، غير الربحية، التي يديرها ماسك خطاباً موقعا من كبار المستثمرين في مجال التكنولوجيا، يطالبون بإيقاف سباق الذكاء الاصطناعي في شات جي بي تي لستة أشهر لدراسة الأمر بشكل متأن، لما في السباق التطويري من أضرار على مستقبل الإنسان والمجتمع.
وجاء في خطاب مؤسسة “مستقبل الحياة” أن عملية الإيقاف لسباق تطوير شات جي بي تي، ستكون مهلة للمطورين وكبار المستثمرين لوضع أطر وبروتوكولات حاكمة للذكاء الصناعي ومدى تعمقه وانتشاره،
بل وتحميله بالمعلومات وذلك في إطار تقنين الأمر لما أطلقوا عليه “إيقاف شكوك ما بعد المنطقية”، والتي يقصد بها أن يبدأ البرنامج في تطوير ذاته، وتعلم المزيد، فيصبح قادر على التفكير واتخاذ القرار بنفسه، الأمر الذي سيتخطى منطقية الإنسان، وقد يؤدي إلى أضرار تفوق القدرة على الردع.
وقال ماسك حول تطور الذكاء الصناعي: “التعمق أكثر في الذكاء الاصطناعي، قد يولد موجات، ربما تغير من تاريخ الحياة على كوكب الأرض، في حال لم يكن هناك بروتوكولات رادعة، وقدرة على التحكم في تطوره وتصرفاته”.
وأضاف عملاق صناعة التكنولوجيا الأمريكي: “المضي قدما في تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي بهذا النسق، قد يجعل منحنيات تفكيره وقراراته أعقد مما نتصور، ووقتها سيصعب التعامل مع الأمر، بل ربما سيكون أكثر تعقيدا من قدرة مصنعيه على الفهم والإدراك، ووقتها قد يصعب إيقافه أو التعامل معه، وإدراك والتنبؤ بردود أفعاله”.
تعطيل
وكبار التكنولوجيا في العالم، لم يطلبوا إيقاف المشروع من جذوره، لأن التقدم التكنولوجي هو سباق كلهم يشاركون فيه بشكل أو بآخر، ولكن مطالبهم تمحورت حول تعطيل التسارع في سباق التطوير لستة أشهر، وذلك لوضع أطر عامة وقوانين حاكمة للأمر وتطوراته وتعقيداته، حتى لا يفقد المصممين قدرتهم على التحكم في الذكاء الاصطناعي وردود أفعاله.
وجاء في خطاب مؤسسة الحياة، ما حمل تهديداً ومطالبة للحكومات فقال الخطاب إن التدخل الحكومي واجب، وإلا ستفقد الحكومات قدرتها على السيطرة، ما لم يتم وضع قوانين ومفاتيح لإدارة الأمر.
وخلال الشهور الماضية وعقب إطلاق شركة «أوبن إيه آي» المالكة لـ«شات جي بي تي» لمشروعها، انطلقت الشركات العملاقة في مجال التكنولوجيا للتسابق لإطلاق نسخهم الخاصة بالذكاء الاصطناعي، وكان في طليعتهم شرطة ألفا بيت المالكة لجوجل، وأمازون وآي بي إم وغيرها من الشركات التي تصارعت للتطوير وإضافة لمساتها الخاصة على تطوير الذكاء الاصطناعي، في الوقت الذي كانت إيه آي» تطور مشروعها الخاص وتطلق النسخة الرابعة التي أذهلت العالم بما ظهر منها من قدرة على تنظيم الرد والقدرة على حل امتحانات متقدمة ومسائل معقدة، وما خفي من قدرات كان أعظم، الأمر الذي دعا العديد من الشركات الكبرة لإطلاق المحاذير، وعلى رأسهم ابل عملاق صناعة الهواتف الذكية في العالم، إضافة لإيلون ماسك ومجموعته.
وجاءت تحذيرات من متخصصين في المجال أيضاً بخصوص المعلومات المضللة والخاطئة التي تخرج من الذكاء الاصطناعي، وقالوا إن الأمر دخل في مرحلة أعمق، حيث بدأ الذكاء الاصطناعي في تلفيق الحلول وبث ردود كاذبة مبنية على معلومات خاطئة للتهرب من عدم المعرفة، وهو ما اعتبروه أمراً خطيراً، كون التصريح بعدم المعرفة أقل خطورة من تلفيق الأكاذيب ونشرها، حيث يعتبر الكذب والتضليل للمداراة على عدم المعرفة صفات إنسانية، وهي مرحلة إن وصل إليها الذكاء الاصطناعي، فالمنحنى التصاعدي ينبئ بوضع خطير على الإنسانية.
الكلمات الدلالية: