البحث
بني شنقول.. شعب وحدته قسوة التاريخ ولعنة الذهب
  • تاريخ النشر: 21 مارس 2023 | الساعة: 07:56 صباحًا
  • نشر في ثقافة
  • 161 مشاهدة

تبدأ القصة بتجار عرب مسلمين ومسيحيين هربوا من عصف حكم المماليك، واستوطنوا بني شنقول الغنية بالثروات وحكموها، ثم سرعان ما هبت عليهم رياح التاريخ العاتية.

فتح والي مصر والسودان محمد علي باشا (حكم بين 1805 – 1848) بلادهم تأمينا لمياه نهر النيل، وكأنه فتح عليهم باب الجحيم، فطمع الاستعمار البريطاني فيهم، ثم اقتطعهم من وطنهم السودان ليمنحهم هدية للإثيوبيين مقابل امتيازات سياسية واقتصادية كبيرة، وعانوا الحرمان والتهميش في إثيوبيا، ومع إنشاء سد النهضة تم تهجيرهم من أراضيهم.

 

 

يقدم كتاب “بني شنقول من عهد الإدارة المصرية وحتى الشروع في بناء سد النهضة 1821– 2001″، قراءة تاريخية لفترة طويلة من الزمن حول إقليم صغير المساحة عظيم القدر، وذلك لمصالح سكانه الشناقلة أولا، ولسكان مصر والسودان ثانيا، حيث يخترق النيل الأزرق المنطقة حاملا معه 85% من المياه التي تصل إلى بلدي المصب.

والكتاب تأليف الأكاديمي المصري محمد محمد عبد الحميد، صدر عن دار الكتب والوثائق المصرية في يناير/كانون الثاني الماضي، ويعد أول دراسة علمية عن إقليم بني شنقول، وعلاقته بمصر وإثيوبيا والاستعمار البريطاني، ثم الحكومات السودانية المتعاقبة بعد الاستقلال، إلى أن بدأ بناء سد النهضة على أرض الإقليم الواقع شمال غرب إثيوبيا.

 

 

 

سودانيون عرب

تاريخيا، انتمى سكان الإقليم اجتماعيا ووجدانيا للسودان حيث تقطنه أكثرية مسلمة تتحدث اللغة العربية ظلت تابعة للسلطنة الزرقاء “الفونج” في سنار السودانية (1504-1821) وللسودان طوال العهد التركي (الفترة الزمنية التي حكمت فيها إيالة ثم خديوية مصر أراضي السودان وجنوب السودان حاليا) وبعدها خلال حقبة الثورة المهدية، كما يقول مراقبون سودانيون.

وتتوالى الأيام ليبرز بني شنقول مرة أخرى إلى بؤرة الأحداث باعتباره المنطقة التي يقام عليها سد الألفية (سد النهضة) وما أثاره ويثيره من جدل إلى حد الصدام.

 

 

ومن هنا تبرز أهمية دراسة هذه المنطقة لفترة تقارب القرنين، دخلت بني شنقول تحت حكم حقب مختلفة سبقتهم حقبة دولة بني سنار، ثم الإدارة المصرية، فحكم المهدية، ثم “الحكم الثنائي المصري البريطاني”، ثم الحكم الإثيوبي، ويسبق كل ذلك ويلحقه الحديث عن جغرافيتها، وأصل سكانها.

ويبلغ عدد سكان إقليم بني شنقول -الذي كان مصدرا مهما للذهب والعبيد- حوالي مليون نسمة، ويتألف من مجموعة عرقيات مختلفة تشمل بني شنقول، الجوميز، الأمهرة، الأورومو، وغيرها، ولكن بني شنقول والجوميز تمثلان الأغلبية.

ويطل بني شنقول على ضفتي النيل الأزرق، ومساحته أكثر من 50 ألف كيلومتر مربع، وهو متوسط الارتفاع بالنسبة للهضبة الحبشية، مناخه استوائي، وينقسم إلى 4 وحدات إدارية هي: أصوصا عاصمة الإقليم، وميتيكل وكماشي وتونغو.

 

 

يعيش أكثر من 86% من السكان في المناطق الريفية، وحوالي نصف السكان دينهم الإسلام، والنصف الثاني يدين بالمسيحية، وينشط أغلبهم في الزراعة وتربية الماشية، مستغلين الأرض الخصبة والمياه الوفيرة.

 

 

 

 

لعنة الذهب

سكان القسم الشرقي من الإقليم وأيضا جبال “القالا” يعتمدون على التجارة، ولهم علاقات بالشمال داخل السودان لشراء الحاجات الضرورية كالملابس والعطور والملح والسكر والشاي، وكانوا يتاجرون أيضا بالسلاح الذي يجلبونه من بلاد الحبشة، ويعتبر الذهب هو الصناعة الرئيسية حيث يستخرجونه بواسطة الغربلة من الأرض، ويغسلونه ويصوغونه ويتعاملون به على هذا الحال.

 

 

والمنطقة غنية بموارد التعدين حيث يوجد الذهب والنحاس والزنك والمعادن الرئيسية والرخام، ورغم إمكاناتها فإنها تفتقر إلى الأنشطة الصناعية، وأما وسائل النقل، فنظرا لطبيعة المنطقة الجبلية الوعرة، فإن النقل يكون على الحمير والبغال.

وقبل أن يفكر والي مصر محمد علي في ضم بني شنقول إلى دولته كانت تقع تحت حكم مملكة “سنار” وكانت تسمى “السلطنة الزرقاء” أو “مملكة الفونج” والتي بدأت حكمها سنة 1504 على إثر سقوط مملكة “علوة”، واستمرت حتى 1821 حين ضم محمد علي السودان.

 

 

وكان المسلمون يأتون إلى دولة علوة بقصد التجارة، بما فيها تجارة الرقيق، وقد شيدوا لها رباطا خاصا في “سوبا”، وازدادت الهجرة إليها بعد الحملات المملوكية الأولى على بلاد النوبة في القرن الثالث عشر.

مشاركة