البحث
العراق يواصل بناء قاعدة إيرادات مستقلة عن النفط ويدفع بإصلاحات لتعزيز الاستقرار المالي
  • نشر في 2025/07/24 الساعة 11:25 ص
  • نشر في اقتصاد
  • 99 مشاهدة

أكد المستشار المالي لرئيس الوزراء، أن العراق يعمل على تأسيس قاعدة إيرادات مستدامة لا تعتمد على تقلبات سوق النفط، مشيراً إلى أن الحكومة أطلقت حزمة من الإصلاحات الهيكلية التي تستهدف تعزيز الإيرادات غير النفطية، في ظل حالة من الاستقرار الحيوي الذي يفتح أمام البلاد آفاقاً واسعة للتقدم.

 

وأوضح أن الاستقرار الداخلي يُعد في الوقت الراهن ركيزة أساسية في جهود الحكومة الرامية إلى ترسيخ بيئة استثمارية آمنة وداعمة للتنمية المستدامة. وبيّن أن التقارير الدولية الموثوقة، وخصوصاً تلك المتعلقة بالتصنيف الائتماني المستقر للعراق، تعكس تحسناً واضحاً في مناخ الاستثمار، وتؤكد قدرة البلاد على الصمود في وجه التحديات الإقليمية، مما يبعث رسائل طمأنينة إيجابية إلى الأسواق العالمية والجهات المانحة.

 

وأشار إلى أن التحولات التنموية التي يشهدها العراق ساهمت في إعادة تفعيل عشرات المشاريع الكبرى التي كانت متوقفة، ضمن إطار برنامج حكومي يركّز على توفير الخدمات، مما أوجد لأول مرة منذ سنوات مناخاً استثمارياً واعداً وجاذباً لرؤوس الأموال.

 

وأكد أن هذه الإنجازات جاءت بعد أن تخطت البلاد مرحلة صعبة اتسمت بتحديات أمنية جسيمة، وموجات عنف وإرهاب، إلى جانب تداعيات الأزمات الصحية والانخفاض الحاد في أسعار النفط الذي شهده العراق خلال السنوات الماضية.

 

وشدد على أن المرحلة الحالية تمثل نقطة تحول محورية في تاريخ العراق السياسي والاقتصادي، إذ تشهد البلاد استقراراً نوعياً يتيح فرصاً حقيقية لتحقيق التقدم، على الرغم من استمرار المخاطر الجيوسياسية المحيطة. ولفت إلى أن هذا الاستقرار يتميز بتفوقه على الأوضاع غير المستقرة في الإقليم، وهو ما يعكس قوة التماسك الوطني وعودة فاعلية العقد الاجتماعي بمكونيه السياسي والاقتصادي.

ورأى أن هذه المؤشرات المتكاملة تضع العراق أمام فرصة فعلية لبناء مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً، بعيداً عن أعباء الماضي الثقيلة، وتُهيّئه للقيام بدور محوري على الصعيدين الإقليمي والدولي.

 

 

وأشار إلى أن الإصلاحات التي تتضمنها خطة الحكومة تهدف إلى تنويع مصادر الدخل الوطني، وتعزيز كفاءة الدولة في تحصيل حقوقها المالية من دون تحميل المواطن أعباء إضافية غير مبررة، مؤكداً أن ذلك يُعد شرطاً أساسياً لتحقيق استقرار اقتصادي طويل الأمد.

 

وفي هذا السياق، أوضح أن الحكومة شرعت في تنفيذ سلسلة من الإصلاحات العميقة الرامية إلى تقليل الاعتماد على العائدات النفطية، من خلال العمل على توسيع القاعدة الضريبية، وأتمتة الجباية، ومكافحة التهرب الضريبي، وتبسيط الإجراءات الضريبية، بما يسهم في تحسين الإيرادات غير النفطية بشكل مستدام.

 

كما بيّن أن الحكومة تولي اهتماماً كبيراً بتعزيز الإيرادات المتأتية من الرسوم والخدمات الحكومية، وذلك عبر مراجعة تسعير الخدمات، ورفع كفاءة التحصيل، وتفعيل أنظمة الدفع والجباية الإلكترونية، ما جعل التدفقات النقدية إلى الحساب الموحد أكثر شفافية، وكفاءة، وخضوعاً للحوكمة.

 

ونوّه إلى أن الجهود الحكومية شملت أيضاً تحديث النظام الجمركي، وتوحيد التعرفة الجمركية، وأتمتة المنافذ الحدودية، ومحاربة التهريب والتجاوزات الحدودية، من خلال بناء نظام رقمي متكامل بالتعاون مع الهيئات الفنية الدولية، وفي مقدمتها الأمم المتحدة.

 

وأشار إلى أهمية المضي في إصلاح الشركات العامة، عبر إعادة هيكلتها، وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، وتحقيق الربحية، فضلاً عن الاستثمار الفعّال في أملاك الدولة، من خلال جرد الأصول والموجودات غير المستغلة، وتسوية الإشغالات غير القانونية، بما يسهم في تفعيل موارد الدولة وتحقيق عوائد مستدامة.

 

كما شدد على ضرورة تحسين إيرادات قطاع الاتصالات، من خلال تعديل العقود مع شركات الاتصالات، وفرض ضرائب على خدمات البيانات، وتوسيع البنية الرقمية، إلى جانب تفعيل أدوات التمويل المحلية، مثل إصدار السندات الحكومية التنموية، وإنشاء صناديق تمويل مختصة بالتنمية.

 

وأكد أن الحكومة تواصل العمل على ترسيخ قاعدة إيرادات مستقرة ودائمة، لا تتأثر بتقلبات السوق النفطية، وتدعم خطط النمو وتعزز الاستقرار المالي للدولة، وهو الهدف الرئيسي لمسار الإصلاح الاقتصادي الجاري.

 

وفي ختام تصريحه، أوضح أن ما تحقق خلال العامين الماضيين من منجزات يُعد خطوة كبيرة نحو انتقال العراق إلى مرحلة متقدمة من الاستقرار والتنمية المستدامة، مشيراً إلى أن هذا التحول يشكل نموذجاً ناجحاً في الجمع بين الاستقرار السياسي والاقتصادي، والتقدم المتسارع، على الرغم من التحديات الإقليمية والدولية، خاصة إذا ما قورن بما مرّت به البلاد خلال العقدين الأخيرين من أزمات متعاقبة.