أصدر الاتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق العدد الثاني من السنة الرابعة والستين لمجلة “الأديب العراقي”، المجلة الثقافية الفصلية التي تُعد منبراً رصيناً يوثّق الحراك الأدبي العراقي المعاصر بما يحمله من تحولات وتميّز وإبداع.
افتتاحية العدد حملت كلمة لرئيس التحرير علي متعب، تناول فيها أسباب غياب الأبوة النقدية في الساحة الأدبية، مشيراً إلى انحسار الرؤية النقدية القائمة على التحليل العميق، مقابل هيمنة النقد الشكلي. وأكد في كلمته الحاجة الماسّة إلى تجديد المنهج النقدي، وتعزيزه بروح المساءلة المعرفية.
وضم العدد محوراً نقدياً موسوماً بعنوان “شعرية الاستشراف: الشعر وسؤال المستقبل/ مقاربات في تجارب شعرية معاصرة”، قدّمه الناقد صباح حسن التميمي، حيث تناول فيه تجربتي الشاعرين عارف الساعدي وعمر السراي، من خلال قراءة نصوصهما وربطها بالشروط الجمالية والتاريخية التي تسهم في تشكيل رؤى مستقبلية داخل الشعر العراقي الحديث.
كما احتوى العدد على حوار مطول مع الكاتب والناقد عباس عبد جاسم، أجراه الروائي حسين محمد شريف، وانفتح فيه على سجال فكري مع الفيلسوف الفرنسي إدغار موران، متناولاً فيه مفهوم الفكر المركّب، ومحاولة الانتقال من مستوى التنظير إلى بلورة موقف نقدي قادر على فهم تعقيدات العالم.
وتضمن العدد أيضاً تحقيقاً نقدياً عن رواية “مشروع أوّما” للروائية لطفية الدليمي، بقلم الناقد عقيل عبد الحسين، تناول فيه إمكانات تحقق المستقبل في الرواية، إلى جانب دراسة بعنوان “الدراسات الثقافية وجدلية التأسيس المستقبلي” للناقد سمير الخليل، بحث فيها مفاهيم الانفتاح والتجدد والديمومة كأدوات فكرية لبناء رؤى ثقافية متطورة.
وتنوّعت موضوعات العدد، لتشمل دراسات نقدية متعددة حول اللغة ومستقبلها، عبر ملف شامل شارك فيه نخبة من النقاد من داخل العراق وخارجه، بينهم بشرى البستاني، ناهضة ستار، الناقد الإيراني هادي نظم منظر، نائل حنون، رنا فرمان، الشاعر زاهر موسى، نشأة فائق عبد الحسن، وحكيم موحان. كما تناول العدد تحولات الرواية العربية المعاصرة في ضوء التفاعل مع الواقع أو تجاوزه، من خلال دراسة للناقد علي محمود أحمد، إضافة إلى دراسة حول التخييل المستقبلي في السرد العراقي للناقد فيصل غازي النعيمي، وأخرى بعنوان “صناعة الفائق في النصوص” للناقد علي حسن الفواز، إلى جانب مقاربة تناولت الدراما بوصفها مختبراً ثقافياً لصياغة وعي المستقبل، قدّمها الناقد رياض موسى سكران، ومقالة للروائية ميسلون هادي بعنوان “المستقبل وتسارعه نحو العزلة والاكتئاب”.
وفي حقل الشعر، احتوى العدد على تجارب شعرية متميزة لكل من الشعراء صلاح السيلاوي، حسن سالم الدباغ، رافد عزيز القريشي، وأمير الحلاج، فيما ضم باب القصة ثلاث قصص قصيرة لكل من رياض داخل، حسين محمد شريف، وميثم الخزرجي.
أما من الناحية البصرية والفنية، فقد امتاز العدد بتصميم أنيق وإخراج بصري متقن، أشرف عليه المصمم فلاح الخطاط، وأضاف الفنان التشكيلي والخطاط حسن المسعودي بُعداً جمالياً عبر مجموعة من لوحاته التشكيلية، التي منحت النصوص روحاً موازية للخطاب الثقافي. كما تضمن العدد مقالاً نقدياً حول أعمال المسعودي بقلم الناقدة أسيل العامري، تناولت فيه الأسلوب الجمالي والتقني الذي يميز أعماله.
يأتي هذا الإصدار في ظل مناخ ثقافي متجدد يشهده العراق، يعكس الزخم الإبداعي المتصاعد والسعي المستمر نحو استعادة الدور الريادي للثقافة العراقية في الفضاء العربي، ويؤكد على استمرارية مجلة “الأديب العراقي” في مواكبة التحولات الأدبية والفكرية، وتقديم محتوى رصين يليق بتاريخ العراق الثقافي وأجياله المبدعة.
المصدر: Iraq Zone | عراق زون