البحث
سوق الصدرية التراثي شاهد على ماضي بغداد وذاكرتها
  • تاريخ النشر: 27 مارس 2023 | الساعة: 09:43 صباحًا
  • نشر في ثقافة
  • 195 مشاهدة

ستتغير ملامح روحك وتتبهج نفسك فيما تتجه أقدامك نحو ماضي العاصمة بغداد، وما تبقى من ذاكرتها الحقيقية، حيث ما تزال هنالك العديد من المنازل التي تحتفظ بطابعها القديم.

وما زالت نساء بغداديات ينتظرن برودة الجو، ليتمكنّ من التوجه إلى الجارات وشرب الشاي، عند مدخل أحد أهم وأقدم الأسواق في العراق، سوق الصدرية، الذي ورغم محاولات التفجير العديدة، بقي شاخصا، محافظا، على ذاكرة المدينة، وحكاياتها.

 

امتدادا على طرف شارع الكفاح وحيث الجزء الجنوبي الذي يرتبط بمرقد الشيخ عبد القادر الجيلاني، تنتظرك العديد من المقاهي الشعبية، ومحال بيع المنتجات الغذائية، ليبدأ سوق الصدرية رحلته، كاسبا شهرته، بجودة ما فيه وأصالته، فيسعدك أن تسمع من كثر، أن الإفطار في سوق الصدرية، هو الأكثر تميزا، ومحظوظ هو من يأكل القيمر والجبن صباحا، في الصدرية من أيدي النسوة اللاتي يصنعن الأجبان بحب.

 

يعود تاريخ سوق الصدرية إلى العصر العباسي، حيث عرف باسمه هذا نسبة إلى الشيخ صدر الدين محمد بن محمد الهروي، المدرس في المدرسة البشيرية والمتوفى سنة 677 للهجرة (1279 للميلاد) بدلالة ما كتب على رخامة وجدت عند قبره.

 

ويدون هذا الاسم في سجلات المحكمة الشرعية منذ سنة 1233 هجرية (1817 ميلادية)، ما يدل على تزايد أهميته، ويقول بعضهم إن الاسم جاء نسبة إلى مستشفى للأمراض الصدرية كان في المنطقة يعود إلى أربعينيات القرن الماضي، ثم وبمرور الزمن، انتهى وقته وتحول إلى بيوت.

 

لكن الكثيرين يؤكدون أن الرواية الأولى هي الأصح لأن جامع الشيخ صدر الدين أقدم من المستشفى فضلاً عن أن اسم المحلة المجاورة لها (سراج الدين) نسبة إلى المحدث المقرئ الشيخ سراج الدين عمر بن علي بن عمر الحسيني القزويني الشافعي، المتوفى عام 750 هجرية (1349 ميلادية)، وتقول المصادر التاريخية إن محلتي الصدرية وسراج الدين ذابتا ببعضهما ليكونا اسم (الصدرية) وتصبحان محلة واحدة، وسوقا واحدا.

 

السير في قلب السوق -الذي تعرض لأعنف انفجار عام 2007- يمنحنا ذاكرة صورية لما كان يحويه قبل عشرات السنين بدءا بتمركز أصحاب المواشي فيه مرورا بصانعات الجبن والقمير المحلي، حيث أكثر ما تشتهر به هذه الأزقة، حتى نهاية السوق التي كانت تسمى (علاوي الحبوب) وبها أجود أنواع الحنطة مثل الداوودية والعراكية.

 

ومن التفاصيل التي اضمحلت بمرور الوقت داخل السوق “خان لاوند” والذي كان مخصصا سابقا لصنع وبيع الملح، إضافة إلى مقهى النبكة التي تقام فيها مباريات صراع الديكة التي انتشرت بين البغداديين منذ القرن الخامس الهجري، هو الآخر انتهى وأصبح محلا. كما يشتهر بوجود أجود رؤوس الأكلة العراقية الشهيرة “الباجة” أو رؤوس المواشي.

 

ويقصد هذا السوق الزبائن من كافة أرجاء العراق، لشراء الذهب والفضة والأقمشة والبهارات بأنواعها، وغيرها، ثم الاستمتاع بمشهد المدينة القديمة وهي تتشكل في بنايات السوق وأزقته.

مشاركة
الكلمات الدلالية: