كشفت قطعة أثرية نادرة من عقد فرعوني قديم مزخرف بوجه الملك توت عنخ آمون عن طقوس مفقودة كانت تُستخدم لتعزيز الولاء داخل النخبة في البلاط الملكي. وقد عُثر على هذه القطعة ضمن مجموعة “مايرز” في كلية إيتون البريطانية، وهي تُظهر الملك الشاب وهو يشرب من كأس زنبق أبيض، مرتدياً تاجاً أزرق تتوسطه أفعى الكوبرا، إلى جانب عقد عريض وأساور وخلاخيل وتنورة مطوية بإتقان.
ووفقاً للباحث مايك تريتش، طالب الدكتوراه في علم المصريات بجامعة ييل، فإن هذه القطعة لم تكن مجرد زينة، بل أداة ملكية محسوبة تُستخدم لترسيخ السيطرة والولاء. واستناداً إلى مقارنات أيقونية مع صور من مقابر مسؤولين كبار وقطع ذهبية من مقبرة توت عنخ آمون، توصل الباحث إلى أن هذا النوع من العقود كان يُقدّم كـ”هبة ملكية” تهدف لتعزيز ولاء النخبة للملك.
وكشفت الدراسة أن هذه العقود حملت رسائل رمزية تتعلق بالقوة والخصوبة والبركة الإلهية، وكانت تُقدّم خلال ولائم فاخرة للنخبة، بهدف دعم النظام الاجتماعي الهرمي الصارم في مصر القديمة.
أما القطعة نفسها، المسجلة برقم ECM 1887، فهي مصنوعة من مزيج من الرمل والصوان وحبيبات الكوارتز المطحونة، وتضم عدة ثقوب صغيرة تسمح بتعليقها ضمن العقد. ولم تُكتشف هذه القطعة داخل مقبرة الملك، بل وصلت عبر مسار غير تقليدي، إذ اشتراها أحد خريجي كلية إيتون من سوق للآثار في نهاية القرن التاسع عشر، ثم أوصى بإهدائها للكلية.
وتحمل القطعة رمزية معقدة؛ فالتاج الأزرق يعبّر عن الولادة الثانية والخصوبة، بينما يرمز كأس الزنبق الأبيض إلى الحياة الجديدة والتكاثر. ويُعتقد أن مشهد شرب الملك من الكأس ـ الذي كانت تملأه على الأرجح زوجته عنخ إسن آمون ـ يجسد اتحادهما الجنسي ودورهما الملكي في ضمان استمرار السلالة.
وتجدر الإشارة إلى أن مقبرة توت عنخ آمون، التي اكتشفها هوارد كارتر عام 1922 في وادي الملوك، تُعد من أفخم المقابر في التاريخ، إذ احتوت على أكثر من 5000 قطعة أثرية، من بينها الأحذية الجنائزية الذهبية والتماثيل والألعاب والقطع المميزة.
المصدر: Iraq Zone | عراق زون