كشفت صخور بيضاء فاتحة ظهرت كنقاط مضيئة على السطح الأحمر للمريخ عن دليل جديد قد يغيّر فهم العلماء لتاريخ هذا الكوكب.
فقد أعلن فريق علمي دولي أن هذه التشكيلات الصخرية التي رصدها مسبار “بيرسيفيرانس” التابع لوكالة الفضاء الأمريكية هي نوع نادر من الصلصال يُعرف بالكاولينيت، وهو ما يشير بقوة إلى أن المريخ شهد في وقت ما من تاريخه مناخاً استوائياً دافئاً مع أمطار غزيرة استمرت لملايين السنين.
وتُعد هذه الصخور الغنية بالألومنيوم أول اكتشاف من نوعه على سطح المريخ، إذ يتشكل الكاولينيت على الأرض فقط في ظروف مناخية شديدة الرطوبة، عندما تسهم الأمطار الغزيرة في إزالة معظم المعادن الأخرى من الصخور خلال فترات جيولوجية طويلة.
ويقول الدكتور أدريان بروز، الباحث الرئيسي في الدراسة من جامعة بيردو، إن رؤية هذا النوع من الصخور في بيئة قاحلة وباردة مثل المريخ، حيث لا يوجد ماء سائل على السطح اليوم، يُعد دليلاً واضحاً على أن الكوكب مرّ بظروف مختلفة جذرياً في الماضي، مضيفاً أن المناطق الاستوائية المطيرة على الأرض هي الموطن الطبيعي لهذه الصخور، ما يعني أن وجودها على المريخ يشير إلى مناخ قديم مشابه.
كما أوضحت البروفيسورة بريوني هورجان، الخبيرة في بعثة “بيرسيفيرانس” وأستاذة علوم الكواكب، أن هذه الصخور تعد من أهم التشكيلات الجيولوجية التي تمت رؤيتها على المريخ، لأنها تتطلب كميات هائلة من الماء لتتشكل، مشيرة إلى أننا نتحدث عن هطول أمطار مستمر لملايين السنين.
وقد جرى تحليل هذه الصخور باستخدام أدوات “سوبركام” و”ماستكام-زد” المتطورة على متن المسبار، وقارن العلماء نتائجها بعينات أرضية من مناطق في سان دييغو بكاليفورنيا وأخرى في جنوب إفريقيا، ليجدوا تطابقاً مدهشاً في التركيب الكيميائي.
ورغم انتشار هذه الصخور البيضاء على طول مسار المسبار منذ هبوطه في فوهة جيزيرو في فبراير 2021، إلا أن مصدرها لا يزال لغزاً، إذ لا يوجد موقع واضح قريب يمكن أن تكون قد جاءت منه.
وقد احتوت فوهة جيزيرو في الماضي على بحيرة ضخمة، لكن أصل هذه الصخور المتناثرة ما يزال موضع تكهنات، حيث تشير هورجان إلى احتمال أن تكون الأنهار قد جرفتها إلى البحيرة، أو ربما نُثرت بفعل اصطدام نيزكي، مؤكدة أن ما هو معروف يقيناً أنها تمثل حدثاً مائياً ضخماً في تاريخ المريخ.
ويرى العلماء أن هذا الاكتشاف قد يكون مفتاحاً لفهم إمكانية وجود حياة سابقة على الكوكب الأحمر، حيث يؤكد بروز أن جميع أشكال الحياة المعروفة تحتاج إلى الماء، وأن اكتشاف أدلة على مناخ مطير ودافئ يشير إلى بيئة كانت قابلة للسكنى وربما شهدت نشوء الحياة وازدهارها.
ويواصل الفريق العلمي دراسته لهذه الصخور الفريدة، بينما يتجه مسبار “بيرسيفيرانس” لجمع عينات إضافية من المتوقع أن تعود بها بعثات مستقبلية إلى الأرض لتحليلها بدقة أكبر داخل المختبرات المتطورة.
المصدر: Iraq Zone | عراق زون