بالرغم من تطور العلوم والفيزياء، ما تزال تُعد قوة الحصان مقياسًا معيارياً عند الحديث عن قوة محرك سيارة ما، والمصطلح شائع جدًا لدرجة أنه من السهل نسيان أن أصله يعود إلى ما قبل ظهور المركبات.
وصاغ مصطلح “قوة الحصان” المهندس الاسكتلندي، جيمس واط (الذي يحمل الاسم نفسه أيضًا للوحدة واط). كما تقول القصة، أثناء العمل مع المهور في منجم للفحم، لاحظ أنها تحمل على ظهورها ما يقرب من 150 كغم من الفحم وتنقله مسافة 100 قدم في الدقيقة الواحدة، وقدّر أن الحصان العادي يمكنه القيام بـ 33000 قدم/باوند من العمل في الدقيقة.
وعاش واط من عام 1736 إلى عام 1819، لذا فإن عمله في القدرة الحصانية يسبق بدايات السيارات في أواخر القرن التاسع عشر، على الرغم من تطبيق نفس الصيغة لقياس إمكانات عمل محركات السيارات وجميع أنواع الآلات.
بالمقابل، أشارت تقارير أخرى إلى أن ارتباط الحصان بتحديد قوة المركبات سبق اقتراح واط، وطُرح من قِبل المخترع البريطاني “توماس سافيري”، الذي أشار إلى هذا المصطلح في رسالة خاصة يعود تاريخها إلى عام 1702م، أي قبل اختراع المحرك البخاري بأعوام.
كيف ارتبطت قوة الحصان بالمركبات والسيارات؟
السبب في قياس قوة محركات السيارات بالحصان هو أن المحركات تم اختراعها، جزئيًا، للقيام بالعمل الذي اعتادت الخيول القيام به، وليس لأننا نحتاج إلى معرفة مقدار الفحم الذي يمكن لسيارة أن تُحرّك خلال فترة زمنية معينة. تُعد القدرة بالحصان مفيدة لأنها وحدة قياس متسقة، لكن تقييم القدرة الحصانية لا يخبرنا بكل ما نحتاج إلى معرفته عن أداء المحرك أو السيارة، إنه يعطينا فكرة فقط عن كيفية مقارنة قوة هذه السيارة بقوة السيارات الأخرى.
بشكلٍ عام، كلما زادت قوة السيارة الحصانية، كان تسارعها أفضل، وهو عامل قوي في أدائها العام. لهذا السبب يتحدث مسوّقو السيارات كثيرًا عن تقييمات قوة الحصان للموديلات عالية الأداء أو الأفضل في فئتها.
وتقاس قدرة المحركات بالقدرة الحصانية الميكانيكية، مثل محركات السيارات والطائرات والسفن والقطارات وغيرها من المحركات، هنا يجب الإنتباه إلى نقطة في غاية الأهمية تتعلق بالمسألة، وهي أن المقارنة تتم بين القدرة وليس بين القوة، فما يتبادر للأذهان عندما يقال أن سيارة ما محركها بقدرة 300 حصان مثلاً هو أن قوة محركها يعادل قوة 300 حصان وهذا خطأ. فقوة ثلاثمئة حصان تستطيع سحق السيارة ومحركها وتحطيمها.
معدل كتلة الحصان الواحد هو 300 كيلوغرام، وتصل سرعته القصوى إلى 88 كيلومتراً في الساعة بأقصى قدرة له، لكن هذه لا تمثل قدرة الحصان، حيث لا يستطيع الحصان أن يداوم على هذه السرعة في الجري إلا فترة زمنية قصيرة عند الشعور بالخطر والهرب من الحيوانات المفترسة أو عند الإجهاد الأقصى تحت تأثير الشخص الذي يمتطيه أو يسيره، وبعدها يحتاج للتوقف والراحة وإلا سيموت، وكونه كائنا حياً فإنه يحتاج للراحة وفترة وقوف لتناول الطعام وشرب الماء وفترة نوم، وعند الحاجة لعمله بشكل مستمر طوال فترة العمل التي يتحملها في اليوم يجب أن يعمل في حالة الجر العادية دون إجهاد بقدرة يستطيع الإستمرار عليها فترة طويلة، ثم تحسب تلك القدرة لليوم كله عند مقارنة قدرة المحركات بقدرة الحصان، لأن المحركات لا تتعب ويمكنها العمل باستمرار ليلاً ونهاراً دون توقف.
إذاً تحسب متوسط قدرة الحصان في حالة الجر العادية فقط وهو يسير دون إجهاد خلال ساعات العمل وتوزع على كامل اليوم، كما في جر عربة أو رفع الماء من البئر أو إدارة عجلة طاحونة، وقد وضع معادل لقدرة الحصان في تلك الحالة قيمته 76.04 كيلوغرام متر في الثانية ما يعادل 745.69987 واط، أي أن الحصان يستطيع نظرياً تقديم هذه القدرة طوال اليوم، ويمكنه تقديم ضعفها خلال نصف يوم، وأربعة أضعافها خلال ربع يوم وهكذا…
بالعودة إلى مثال محرك السيارة ذي الثلاثمئة قدرة حصانية، فإن قدرته تعادل قدرة ثلاثمئة حصان يعملون في تلك الشروط المفروضة، ومن الطبيعي أنه لو تم ربط السيارة من جهة وثلاثمة حصان من جهة أخرى بطرفي حبل متين فإن الأحصنة ستتغلب على السيارة وتجرها خلفها بكل سهولة، بل حتى أن عشرين حصاناً يكفي للمهمة، ويمكن لقوة ثلاثمئة حصان أن تتغلب على قوة جر محرك قطار، لكن العبرة هنا في المداومة على نفس العمل وتقديم نفس القدرة طوال الوقت، على هذا فإن قدرة السيارة تعادل قدرة ثلاثمئة حصان يعملون بقدرة تمكنهم المداومة عليها طوال الوقت ولا يمارسون غير قوة عادية غير متعبة لهم.