البحث
التثاؤب: حركة بسيطة تنشط الدماغ وتخفف التوتر والصداع
  • نشر قبل اقل من دقيقة
  • نشر في منوعات
  • 3 مشاهدة

يمكن لتثاؤب واحد أن يطلق سلسلة من التغيرات الفسيولوجية التي تساعد الدماغ على الانتقال من حالة التعب إلى حالة الانتباه، إذ يُعد هذا المنعكس القديم وسيلة طبيعية لتنظيم نشاط الجهاز العصبي، والتقليل من التوتر والصداع.

 

 

ويشير العلماء إلى أن الإنسان يتثاءب بمعدل يتراوح بين 7 و23 مرة يومياً، وأن وراء هذه الحركة البسيطة آلية عصبية معقدة تسهم في الحفاظ على التوازن بين اليقظة والاسترخاء. فعندما يشعر الدماغ بالإرهاق، تنشط خلايا الدوبامين وترسل إشارات إلى مركز التنفس، مما يؤدي إلى سلسلة من التفاعلات تشمل شهيقاً عميقاً، وتوتراً في عضلات الوجه والرقبة، وتوقفاً قصيراً في التنفس يتبعه زفير قوي. ويساهم التثاؤب في زيادة كمية الهواء الداخل إلى الرئتين بمقدار أربعة أضعاف، كما يرفع معدل ضربات القلب بنسبة تتراوح بين 20 و25%.

 

 

وعلى عكس الاعتقاد السائد بأن التثاؤب يحدث نتيجة نقص الأكسجين، يؤكد الباحثون أن الأمر يرتبط بانخفاض مستوى اليقظة لا بنقص الهواء. فعندما يستعيد الإنسان نشاطه، تزول الحاجة إلى التثاؤب، مما يشير إلى أنه وسيلة طبيعية لتنشيط الدماغ وليس لتزويده بالأكسجين.

 

 

كما يتميز التثاؤب بكونه معدياً، حيث ينتقل بسهولة بين الأشخاص المقربين مثل أفراد العائلة والأصدقاء والشركاء، وذلك بفضل عمل الخلايا العصبية المرآتية المسؤولة عن التقليد اللاإرادي والتعاطف. أما الأشخاص المصابون باضطراب طيف التوحّد، الذين لديهم حساسية أقل تجاه تعابير الوجه، فإنهم نادراً ما يتأثرون بتثاؤب الآخرين.

 

 

ويؤدي التثاؤب قبل الامتحانات أو المناسبات العامة دوراً مختلفاً، إذ يساعد على تخفيف التوتر الداخلي نتيجة إفراز هرمون السيروتونين، الذي يساهم في إرخاء العضلات وتهدئة الجسم. كما يساعد التثاؤب المسائي على الانتقال من حالة النشاط إلى النوم بهدوء.

 

 

أما الدموع التي ترافق التثاؤب فهي استجابة فسيولوجية طبيعية ناتجة عن تنشيط العصب الوجهي الذي يحفز الغدة الدمعية، ما يؤدي إلى تضييق مؤقت في القنوات الدمعية وتدفق الدموع على الخدين. ويمكن للتثاؤب أيضاً أن يخفف من الصداع، إذ يساهم في تقليل تشنج الأوعية الدموية أثناء التعب أو نوبات الصداع النصفي.

 

 

 

ويخلص الباحثون إلى أن محاولة كبت التثاؤب تكاد تكون مستحيلة، لأن هذه العملية يتحكم بها الدماغ عبر مراكز عصبية قديمة مسؤولة عن تنظيم التنفس، وضربات القلب، ودورات النوم، مما يجعل التثاؤب جزءاً أساسياً من توازن الجسم ووظائفه الحيوية.